فصل: انتقاض الناس على مروان.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.انتقاض الناس على مروان.

ولما رجع غلى خراسان راسل ثابت بن نعيم من فلسطين أهل حمص في الخلاف على مروان فأجابوه وبعثوا إلى من كان بتدمر ممن طلب وجاء الأصبغ بن دؤالة الكلبي وأولاده ومعاوية السكسكي فارس أهل الشام وغيرها في ألف من فرسانهم ودخلوا حمص ليلة الفطر من سنة سبعة وعشرين وزحف مروان في العساكر من حران ومعه إبراهيم المخلوع وسليمان بن هشام ونزل عليهم ثالث يوم الفطر وقد سدوا أبوابهم فنادى مناديه: ما دعاكم إلى النكث؟ قالوا لم ننكث ونحن على الطاعة ودخل عمر الوضاح في ثلاثة آلاف فقاتله المحتشدون هنالك للخلاف وخرجوا من الباب الآخر وجفل مروان في إتباعهم وعلا الباب فقتل منهم نحو خمسمائة وصلبهم وهدم من سورها علوه وأفلت الأصبغ بن دؤالة وابنه قرافصة ثم بلغ مروان وهو بحمص خلاف أهل الغوطة وإنهم ولوا عليهم يزيد بن خالد القسري وحاصروا دمشق وأميرها زامل بن عمر فبعث مروان إليهم أبا الورد بن الكوثر بن زفر بن الحرث وعمر بن الوضاح في عشرة آلاف فلما دنوا من دمشق حملوا عليهم وخرج إايهم من كان بالمدينة فهزمهم وقتلوا يزيد بن خالد وبعثوا برأسه إلى مروان وأحرقوا المزة وقرى البرامة ثم خرج ثابت بن نعيم في أهل فلسطين وحاصر طبرية وعليها الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم فبعث مروان إليه أبا الورد فلما قرب منه خرج أهل طبرية عليه فهزموه ولقيه أبو الورد منهزما فهزمه أخرى وافترق أصحابه وأسر ثلاثة من ولده وبعث بهم إلى مروان وتغيب ثابت وولى مروان على فلسطين الرماحس بن عبد العزيز الكناني فظفر بثابت بعد شهرين وبعث به إلى مروان موثقا فقطعه وأولاده الثلاثة وبعثهم إلى دمشق فصلبوه ثم بايع لأبنيه عبد الله وعبيد الله وزوجهما بنتي هشام ثم سار إلى ترمذ من دير أيوب وكانوا قد غورا المياه فاستعمل المزاد والقرب والإبل وبعث وزيره الأبرش الكلبي إليهم وأجابوه إلى الطاعة وهرب نفر منهم إلى البلد وهدم الأبرش سورها ورجع بمن أطاع إلى مروان ثم بعث مروان يزيد ابن عمر محمد هبيرة إلى العراق لقتال الضحاك الشيباني الخارجي بالكوفة وامده ببعوث اهل الشام ونزل قرقيسيا ليقدم ابن هبيرة لقتال الضحاك وكان سليمان بن هشام قد أستأذنه بالمقام في الرصافة أياما ويلحق به فرجعت طائفة عظيمة من أهل الشام الذين بعثهم مروان مع اين هبيرة فأقاموا بالرصافة ودعوا سليمان بن هشام بالبيعة فأجاب وسار معهم إلى قنسرين فعسكر بها وكاتب أهل الشام فأتوه من كل وجه وبلغ الخبر مروان فكتب إلى ابن هبيرة بالمقام ورجع من قرقيسيا إلى سليمان فقاتله فهزمه واستباح معسكره واثخن فيهم وقتل اسراهم وقتل إبراهيم أكبر ولد سليمان وخالد بن هشام المخزومي جاء أبيه فيما ينيف على ثلاثين ألفا وهرب سليمان إلى حمص في الفل فعسكر بها وبنى ما كان تهدم من سورها وسار مروان إليه فلما قرب منه بيته جماعة من أصحاب سليمان تبايعوا على الموت وكان على احتراس وتعبية فترك القتال بالليل وكمنوا له في طريقه من الغد فقاتلهم إلى آخر النهر وقتل منهم نحوا من ستمائة وجاؤا إلى سليمان فلحق بتدمر وخلف أخاه سعيدا بحمص وحاصره مروان عشرة أشهر ونصب عليهم نيفا وثمانين منجنيقا حتى استأمنوا له وأمكنوه من سعيد بن هشام وىخرين شرطهم عليهم ثم سار لقتال الضحاك الخارجي بالكوفة وقيل إن سليمان بن هشام لما انهزم بقنسرين لحق بعبد الله ابن عمر بن عبد العزيز بالعراق وسار معه إلى الضحاك فبايعوه وكان النضر بن سعيد قد ولي العراق فلما اجتمعوا على قتاله سار نحو مروان فاعترضه بالقادسية جنود الضحاك من الكوفة مع ابن ملحان فقتله النضر ولى الضحاك مكانه بالكوفة المثنى بن عمران وسار الضحاك إلى الوصل وأقبل ابن هبيرة إلى الكوفة فنزل بعيد التمر وسار إليه المثنى فهزمه ابن هبيرة وقتله وعدة من قواد الضحاك واننهزم الخوارج ومعهم بن جمهور ثم جاؤا إلى الكوفة واحتشدوا وساروا للقاء ابن هبيرة فهزمهم ثانية ودخل الكوفة وسار إلى واسط وأرسل الضحاك عبيدة بن سوار الثعلبي لقتاله فنزل الصراة وقاتله ابن هبيرة هنالك فانهزمت الخوارج كما يأتي في أخبارهم.

.ظهور عبد الله بن معاوية.

كان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر قدم على عبد الله بن عمر بن عبد العزيز الكوفة في إخوانه وولده فاكرمهم عبد الله وأجرى عليهم ثلثمائة درهم في كل يوم وأقاموا كذلك ولما يويع إبراهيم بن الوليد بعد أخيه واضطرب الشام وسار مروان إلى دمشق حبس عبد الله بن عمر عبد الله بن معاوية عنده وزاد في رزقه بعده لمروان يبايعه ويقاتله فلما ظفر مروان بإبراهيم سار إسمعيل بن عبد الله القسري إلى الكوفة وقاتله عبد الله بن عمر ثم خاف إسمعيل أن يفتضح فكفوا خبرهم فوقعت العصبية بين الناس من إيثار عبد الله بن عمر بعضا من مضر وربيعة بالعطاء دون غيرهم فثارت ربيعة فبعث إليهم أخاه عاصما ملقيا بيده فاستحيوا ورجعوا وأفاض في رؤوس الناس يستمليهم فاستنفر الناس واجتمعت الشيعة إلى عبد الله بن معاوية فبايعوا وأدخلوه قصر الكوفة وأخرجوا منه عاصم بن عمر فلحق بأخيه بالحيرة وبايع الكوفيون ابن معاوية ومنهم منصور بن جمهور وإسمعيل أخو خالد القسري وعمر بن العطاء وجاءته البيعة من المدائن وجمع الناس وخرج إلى عبد الله بن عمر بالحيرة فسرح للقائه مولاه ثم خرج في إثره وتلاقيا ونزع منصور بن جمهور وإسمعيل أخو خالد القسري وعمر بن العطاء وجاءته البيعة من ابن عمر ولحقوا بالحيرة وانهزم ابن معاوية إلى الكوفة وكان عمر بن الغضبان قد حمل على ميمنة ابن عمر فكشفها وانهزم أصحابه من ورائه فرجع إلى الكوفة وأقام مع ابن معاوية في القصر ومعهم ربيعة والزيدية على أفواه السك يقاتلون ابن عمر ثم أخذ ربيعة الأمان لابن معاوية ولأنفسهم وللزيدية وسار ابن معاوية إلى المدائن وتبعه قوم من أهل الكوفة فتغلب بهم على حلوان والجبل وهمدان وأصبهان والري إلى أن كان من خبره ما نذكره.